#كوميديا_سوداء (19)
كيف يكتب التاريخ
انتهت احدى المعارك التي خاضها نابليون بالفشل ووقف نابليون كالمعتاد في نهاية كل معركة تملي على الكاتب الرسمي وقائع المعركة. قال نابليون لقد كانت خطتي مختلفة و لكني نزلت عند رأي ضباطي احتراما لرأي الجماعة مما سبب هزيمتنا.
رفع الكاتب رأسه و قال و لكن ما حدث فعلا يا سيدي كان العكس. و قد كنت حاضرا عندما اعترض الضباط على خطتك و أصريت عليها. فنهره نابليون : كان هذا في غرفة العمليات اما الان فأننا نكتب التاريخ.
تذكرت هذه القصة في احدى ليالي صيف الاسكندرية الجميلة في 1969 عندما توقف بنا الترام في محطة كليوباترا الكبرى وطلب منا أن ننزل لنستقل الترام التالي لان هذا الترام سيدخل الجراج. وبالفعل تم تحويل الخط ودخل الترام الجراج ولم يلبث الأمر إلا دقائق حتى وصل الترام التالي فركب الجميع وبدأ بالحركة وكنت أقف إلى جانب السائق.
ارتج الترام وأبرقت شرارات كهربائية قوية وبدلا من يسير الترام إلى الأمام دخل إلى الجراج حيث لم يكن عامل المحطة قد أعاد الخط إلى مساره بعد دخول الترام السابق إلى الجراج. فارتطم الترام الذي نركبه بالترام الساكن في الجراج وتكسر زجاج مقدمة الترام
تم الأمر كله في ثواني أمام عيني وقد بدت هذه الثواني وقتا طويلا فكرت فيها كيف اهرب لأنجو وهممت بذلك ولكن كل شيء انتهى بعد خطوة ونصف. ومر أثناء ذلك أمامي شريط حياتي كله. سمعت صراخا في الخارج يطلبون الماء. وحضروا بسرعة يرشون الماء على السائق ويسقونه الماء ويحمدون الله على سلامته وكنت مازلت إلى جانب السائق ولكن أحدا لم يكترث بي.
نزلت من الترام و تبعني الركاب جميعا وبدأت اسمع روايات كثيرة عن الحادث الذي كنت شاهده الوحيد. فمن قائل أن السائق كان مسطولا (مطينها اوي او الصنف اللي واخده مضروب) إلى قائل أن خناقة مع السائق هي السبب. وبدأ الناس يتجمعون أكثر فأكثر ويسألون ويجيبون وكل يروي نسخته من القصة. وبالطبع فقد صار كمساري الترام ومشرف وعمال المحطة محط الاهتمام وبدأ كل منهم يروي قصته عن الحادث. واشتطوا كثيرا وسمعت تفسيرات عجيبة ولكن أحدا لم يكلف نفسه بسؤال الشاهد الوحيد الذي هو أنا عما حدث. بل أن كل واحد بدأ بالترويج لرواية يرجحها على الروايات الأخرى وهم لم يروا شيئا.
ولم يسألني احد عن ذلك حتى الآن. فهل هكذا يكتب التاريخ؟؟
كيف يكتب التاريخ
انتهت احدى المعارك التي خاضها نابليون بالفشل ووقف نابليون كالمعتاد في نهاية كل معركة تملي على الكاتب الرسمي وقائع المعركة. قال نابليون لقد كانت خطتي مختلفة و لكني نزلت عند رأي ضباطي احتراما لرأي الجماعة مما سبب هزيمتنا.
رفع الكاتب رأسه و قال و لكن ما حدث فعلا يا سيدي كان العكس. و قد كنت حاضرا عندما اعترض الضباط على خطتك و أصريت عليها. فنهره نابليون : كان هذا في غرفة العمليات اما الان فأننا نكتب التاريخ.
تذكرت هذه القصة في احدى ليالي صيف الاسكندرية الجميلة في 1969 عندما توقف بنا الترام في محطة كليوباترا الكبرى وطلب منا أن ننزل لنستقل الترام التالي لان هذا الترام سيدخل الجراج. وبالفعل تم تحويل الخط ودخل الترام الجراج ولم يلبث الأمر إلا دقائق حتى وصل الترام التالي فركب الجميع وبدأ بالحركة وكنت أقف إلى جانب السائق.
ارتج الترام وأبرقت شرارات كهربائية قوية وبدلا من يسير الترام إلى الأمام دخل إلى الجراج حيث لم يكن عامل المحطة قد أعاد الخط إلى مساره بعد دخول الترام السابق إلى الجراج. فارتطم الترام الذي نركبه بالترام الساكن في الجراج وتكسر زجاج مقدمة الترام
تم الأمر كله في ثواني أمام عيني وقد بدت هذه الثواني وقتا طويلا فكرت فيها كيف اهرب لأنجو وهممت بذلك ولكن كل شيء انتهى بعد خطوة ونصف. ومر أثناء ذلك أمامي شريط حياتي كله. سمعت صراخا في الخارج يطلبون الماء. وحضروا بسرعة يرشون الماء على السائق ويسقونه الماء ويحمدون الله على سلامته وكنت مازلت إلى جانب السائق ولكن أحدا لم يكترث بي.
نزلت من الترام و تبعني الركاب جميعا وبدأت اسمع روايات كثيرة عن الحادث الذي كنت شاهده الوحيد. فمن قائل أن السائق كان مسطولا (مطينها اوي او الصنف اللي واخده مضروب) إلى قائل أن خناقة مع السائق هي السبب. وبدأ الناس يتجمعون أكثر فأكثر ويسألون ويجيبون وكل يروي نسخته من القصة. وبالطبع فقد صار كمساري الترام ومشرف وعمال المحطة محط الاهتمام وبدأ كل منهم يروي قصته عن الحادث. واشتطوا كثيرا وسمعت تفسيرات عجيبة ولكن أحدا لم يكلف نفسه بسؤال الشاهد الوحيد الذي هو أنا عما حدث. بل أن كل واحد بدأ بالترويج لرواية يرجحها على الروايات الأخرى وهم لم يروا شيئا.
ولم يسألني احد عن ذلك حتى الآن. فهل هكذا يكتب التاريخ؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق