#كوميديا_سوداء (14)
مذكرات لاجئ من يومه (5)
مطر و برد و دلف و طين
شهدت سنة 1960 أمطارا غزيرة وامتلأ الوادي الجاف الذي يفصل مابين جبل النزهة حيث كنا نقيم ومخيم الحسين. وجرت في الوادي مياه كثيرة حملت معها ما جرفته من أشجار وبراميل وقطع من أسقف وجدران بيوت الصفيح والأبواب والشبابيك. بالإضافة إلى حيوانات نافقة ومخلفات الحفر الامتصاصية التي جرفها التيار وفاحت روائحها. والأكثر من هذا هو الصوت المرعب للوادي كأنه ينوء بحمله بعدما تعود على السكن والهدوء طيلة أشهر عديدة.
وكنت ترى بعض الناس ممن تقطعت بهم السبل يحالون أن يتقدموا سيرا على ما تبقى من طرف الطريق مع المخاطرة بالسقوط في الوادي أو الغوص في الطين ناهيك عن البلل بالمطر.
يخرج بعض الأهالي وخاصة من المراهقين للفرجة والتبرع بالمساعدة وإبداء النصائح للمارة وتناقل الأخبار والإشاعات عن الخسائر والتنبوء بتطورات الطقس. وعندما يفاجئون بزخة قوية من المطر يفرون إلى أي مظلة أو يدخلوا بيوت من يدعوهم للدخول ريثما يتوقف المطر. ولا يأبه الفتيان لهذه الدعوة كثيرا فقد خبروا هذه البيوت الصغيرة المكونة من غرفة واحدة تمتلئ بأفراد العائلة. ويدلف الماء من سقوفها بحيث يلوذ كل فرد فيها بجانب لا يصله الدلف. ولا يمكن للقادم الجديد إلا أن يقع في مرمى قطرات ماء الدلف التي تعرف طريقها الى راسه لتنزلق الى رقبته حتى تستقر بين كتفيه هنيهة قبل ان تكمل طريقها في ظهره. ويتكرر ذلك كلما غير مكانه كأنما تتقصده القطرات. و يقدم له أصحاب البيت الشاي و لكنه يفر الى الخارج بينما تلاحقه أصوات اصحاب البيت رايح فين، خليك لسه بتشتي بره, فيرد بدون ان يلتفت رايح اتدارى من المطر، بره ارحم
مذكرات لاجئ من يومه (5)
مطر و برد و دلف و طين
شهدت سنة 1960 أمطارا غزيرة وامتلأ الوادي الجاف الذي يفصل مابين جبل النزهة حيث كنا نقيم ومخيم الحسين. وجرت في الوادي مياه كثيرة حملت معها ما جرفته من أشجار وبراميل وقطع من أسقف وجدران بيوت الصفيح والأبواب والشبابيك. بالإضافة إلى حيوانات نافقة ومخلفات الحفر الامتصاصية التي جرفها التيار وفاحت روائحها. والأكثر من هذا هو الصوت المرعب للوادي كأنه ينوء بحمله بعدما تعود على السكن والهدوء طيلة أشهر عديدة.
وكنت ترى بعض الناس ممن تقطعت بهم السبل يحالون أن يتقدموا سيرا على ما تبقى من طرف الطريق مع المخاطرة بالسقوط في الوادي أو الغوص في الطين ناهيك عن البلل بالمطر.
يخرج بعض الأهالي وخاصة من المراهقين للفرجة والتبرع بالمساعدة وإبداء النصائح للمارة وتناقل الأخبار والإشاعات عن الخسائر والتنبوء بتطورات الطقس. وعندما يفاجئون بزخة قوية من المطر يفرون إلى أي مظلة أو يدخلوا بيوت من يدعوهم للدخول ريثما يتوقف المطر. ولا يأبه الفتيان لهذه الدعوة كثيرا فقد خبروا هذه البيوت الصغيرة المكونة من غرفة واحدة تمتلئ بأفراد العائلة. ويدلف الماء من سقوفها بحيث يلوذ كل فرد فيها بجانب لا يصله الدلف. ولا يمكن للقادم الجديد إلا أن يقع في مرمى قطرات ماء الدلف التي تعرف طريقها الى راسه لتنزلق الى رقبته حتى تستقر بين كتفيه هنيهة قبل ان تكمل طريقها في ظهره. ويتكرر ذلك كلما غير مكانه كأنما تتقصده القطرات. و يقدم له أصحاب البيت الشاي و لكنه يفر الى الخارج بينما تلاحقه أصوات اصحاب البيت رايح فين، خليك لسه بتشتي بره, فيرد بدون ان يلتفت رايح اتدارى من المطر، بره ارحم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق